|   19 مارس 2024م

 

       حدثُ التَّخرجِ في مؤسسةٍ جامعيَّةٍ، والحصولُ على شهادةٍ علميَّة، يمثِّلُ في حياةِ الإنسانِ مرحلةً مهمةً وفاصلة. إنَّها لحظةُ التَّتويج، بعد سهرِ ليلٍ، واستسهالِ صعابَ ومشاقَّ في سبيل التَّحصيل العلمي. وإنْ شبَّه الشاعرُ الفلسطيني محمود درويش الحبَّ بأحداث الموتِ والولادة. ها هم الخرِّيجُون -أيضًا- يصفونَ هذه اللَّحظاتِ بأنَّها تشبهُ لحظاتِ الولادة... وفي هذا تكمنُ مقاربةُ حياةٍ جديدةٍ يعيشُها الخريج، أو يسعَى لتأسيسِها؛ مستعينًا في ذلك بما اكتسبَه من سنيِّ حياتِه الجامعيَّة؛ سواء في الجانب العلمي، أو المهاري.

هنا نعرض بعض النَّماذج من خرِّيجي الجامعات، وماذا قالوا عن الجامعة لحظة تخرُّجهم:

 

الحجريَّة: تطلُّعاتٌ أكبر بثقةٍ عالية

تقول الخريجةُ المُجيدةُ إبتسام بنت عبدالله الحجرية -ماجستير في اللغة العربية وآدابها - واصفةً شعورها بمناسبة التخرج: إنني أشعرُ بتحرُّرٍ من مسؤوليةِ الدَّرس؛ لأبدأَ مرحلةً جديدةً تمثِّل مرحلةَ التقيُّدِ بالمسؤوليِّةِ تجاهَ ما اكتسبتُه من علومٍ ومعارف. ويزيد من ثقلِ هذه المسؤوليَّةِ الدَّرجةُ العلميَّةُ التي حصلتُ عليها؛ بإيجاز: إنَّه شعورٌ مَن قد بدأ فكرًا جديدًا وأهدافًا جديدةً وتطلعاتٍ أكبرَ بثقةٍ عالية. وتضيف: أكادُ أقاربُ شعوري وتجربتِي وفرحي، ولذَّةَ المعرفة بطفلٍ يكتشفُ العالمَ من حوله لأولِّ مرة.

 

الرَّواحي: مناسبةٌ اجتماعيَّةٌ ووطنيَّة

ويعبِّرُ الخريجُ محمود بن سليمان الرواحي- بكالوريوس في إدارة الأعمال- عن فرحتِه قائلًا: مناسبةُ التَّخرُّج لا يمكنُ أن نوجزَها في نطاقِ مناسبةٍ شخصية، إنَّما يتَّسعُ المقامُ لوصفها بمناسبةٍ مجتمعيَّة ووطنيةٍ. وهذا ما يحدِّدُه دور الخريجِ في المجتمع، وإسهامِه في بناء الوطن؛ موظِّفا في ذلك ما اكتسبَه من معارفَ نظريَّةٍ وعمليَّةٍ طوالَ سنوات دراسته؛ لذا فالتَّخرجُ هو فخرٌ للطالب والمجتمعِ والوطن إيمانًا بدور الإنسان في التأثير على حجمِ التَّنمية ككل.

 

الجهضميَّة: للوالدَيْن نزُفُّ فرحةَ التَّتويج

في حين تصفُ الخرِّيجةُ ندى بنت أحمد الجهضميَّة – بكالوريوس تربية في اللغة الإنجليزية- خلجاتِ نفسِها قائلة: بالطبع إنَّهُ شعورٌ لا يوصفُ، وإنَّما الخلجاتُ تأبى إلا أن تبيحَ بعضًا منه، فالجذلُ بادٍ على المحيَّى فورَ القدوم؛ لأنَّها لحظةُ انتظارٍ وترجٍّ منذُ خمسِ سنوات قضيناهَا بين ربوع جامعتِنا الحبيبةِ؛ لنتوِّجَها اليومَ بفرحةِ التخرج، وقطفِ ثمارِه نزفُّ بها فرحةً للذَيْنِ زرعَا بذرةَ الطموح فيَّ لأكونَ شامةً بين النَّاس، لوالدَيّ الغاليَين، ولمن بثَّ روحَ الدَّافعيَّةِ في مطافِ التَّعلم، شريكِ حياتي ولإخوتِي الأعزاء.

 

الصَّالحي: التَّخرُّج ثمارٌ عِذقُها الإخلاص وقطوفُها دانيةٌ لكلِّ فردٍ في الوطن

ولم تكن مسيرةُ التَّعليمِ مسيرةَ جهودٍ فرديَّةٍ بحتة بل كانت بجهودٍ جماعيةٍ متعاضِدة تشدُّ أزرَ الطالبِ ماديًّا ومعنويًّا؛ هذا ما يعبّر عنه الخريج المُجيد داوُد بن سليمان الصَّالحي- بكالوريوس في الصيدلة- قائلا: أراني عاجزًا عن وصفِ مشاعري حيالَ ما نشهدُه في هذه اللَّحظات من تكريمٍ وتتويج.. إنَّهُ نقطةُ تحوُّلٍ في قاموسِ حياتِنا – نحن الخريجين-؛ يتحوَّلُ فيهِ زرعُ اجتهادِنا وجدِّنا أيامَ الدِّراسة إلى ثمارٍ يانعةٍ عِذقُها الإخلاص، وقطوفُها –بإذن الله- دانيةٌ لكلِّ فردٍ في وطنِنا المعطاء وأمَّتنا الأبيَّة، ثمارٍ نَبني بها ربُوعَ كلِّ عُمان بلبناتِ العزمِ، والتوكُّلِ على الله، ثمَّ العملِ الجادّ المتواصل. وإن كانَ لي أن أردَّ الفضلَ في هذا الإنجاز فإنَّني أردُّه إلى الله تعالى أوَّلًا، ثمَّ إلى معلِّمِنا الأول – الذي بزغتْ بحكمتِه شمسُ النهضة- مولانا حضرة صاحبِ الجلالةِ السُّلطان قابوس بن سعيد المعظَّم –حفظه الله ورعاه-، ثم لمستشفى جامعةِ السُّلطان قابوس الذي أتاحَ ليَ فرصةَ إكمالِ دراستي الجامعيَّة، ولا ننسى ولن نتناسى -قبلَ ذلك- فضلَ والدَيْنا الحبيبَيْن، ومن يعزُّ على أنفسِنا، ولجامعتِنا الزَّاهرة -برئاستِها وإدارتِها وكلِّ كوادرِها- فضلٌ وأيُّ فضل! فضلُ التعليمِ والتدريبِ والتَّوجيه.  

 

الباديَّة: لحظاتُ التخرُّج مثل لحظاتِ الولادة

ومن بينِ الخرِّيجاتِ المُجيداتِ تشاركُ شيخةُ بنت سالم الباديَّة - ماجستير في اللُّغة العربيَّة وآدابِها (نقد أدبي)-، فتقول: بالتأكيد أشعرُ بالفرحِ الكبير، وبفرحٍ أكبر أن يكون هذا الحدثُ الجميلُ متزامنًا مع حدثٍ أجملَ، وهو العامُ الأربعون من عمر نهضةِ عُماننا المعطاء. أشعر أنَّ هذه اللحظاتِ من الفرح تستحثنا وبصدق لِأنْ نمثِّل أنفسَنا وجامعتَنا، وأن نكون في هذا على قدرٍ من المسؤوليَّةِ تجاه الوطن. أوجزُ مشاعري هذه بعبارةٍ للشاعر محمود درويش: "لحظاتُ الحبِّ مثل الموتِ والولادة" لأستبدلَ "لحظاتِ التَّخرُّج" بعبارةِ "لحظاتِ الحب"! ولجامعتي أقول: كلُّ التَّقدير والعرفانِ لما أتاحته لي من عونٍ ماديٍّ ومعنوي للتَّفوق، وأخصُّ بهذا المكرَّم الأستاذَ الدكتورَ رئيسَ الجامعة الذي ما فتئَ يضحِّي لأجلِ هذا الصرحِ العلمي الواعد. ولإخواني الطُّلاب وزملائِي أوجِّهُ دعوةً صادقةً لاستثمار سنيِّ حياتِهم الجامعيَّة لتحصيل المعارفِ، ولتنميةِ ما لديهم من مواهبَ، وأن يجعلُوا نصبَ أعينِهم مُثُلًا عُليا وأهدافًا كبيرةً ومحدَّدة.. فالحياةُ لا تحابِي، والعمر لا ينتظر.

 

السُّليمانيَّة: مسيرةٌ تعليميَّةٌ في الجامعةِ ستبقى حاضرةً في أذهانِنا

وها هيَ الخريجةُ أحلام بنت زهران السُّليمانية- دبلوم في علوم الحاسوب- تبوحُ بمشاعرِها الدَّافقةِ معبِّرةً: كم أتساءلُ: كيفَ مرَّت الأيامُ بهذه السُّرعة؟!.. لتُطوى لحظاتٌ من عمرِنا بحلوِها ومُرِّها. فها هو اليومُ الذي انتظرناه طويلًا بشوقٍ ولهفة، اليوم الذي كنَّا نرسمُه بريشةِ مخيِّلتِنا في أذهانِنا.. إنَّنا نلمسهُ حقيقةً واقعةً ليبقى في ذاكراتنا أبدًا، مجسِّدًا مسيرةً تعليميةً في هذا الصرح العلمي الذي سنبقى دومًا نكنُّ له أجلَّ التقدير لما أتاحه لنا من فرصٍ لا تقدَّرُ بعطاء آخر.