|   17 أبريل 2024م

تعدّدت فنون النّثر في الثقافة العُمانية قديمًا حتى أصبح يضمّ كلّ فنون النّثر التّقليديّة وطرائقها من حديثٍ وحكايةٍ وقصّةٍ وخبرٍ وسيرٍ ومقاماتٍ ورسائل. وإذا كان النّثر هو أحد شقيّ الأدب العربي، فإنّ الرّسائل تُعدّ من أهمّ مكوّنات النّثر الفنّيّ. لم يحض النّثر العُماني القديم إلا بالقليل من الدِّراسات النّقديّة، أمّا الرّسائل فلم يقف الباحث على أيّ دراسةٍ نقديّةٍ سابقةٍ لهذا الفنّ الأدبي الّذي تزخر به الثّقافة العُمانيّة في مسيرتها التّاريخيّة الطّويلة.

وفي هذا الشّأن حرصت جامعة نزوى على الاهتمام بالتّراث الأدبي العُماني؛ وذلك من خلال إتاحة الفرصة لدى طلاب الدّراسات العُليا لإنجاز مشاريع متخصّصة في هذا الباب. ومن بينمناقشة رسالة ماجستير حول \تلك المشاريع المتميّزة مشروع رسالةٍ لاستكمال متطلّبات درجة الماجستير في اللّغة العربيّة وآدابها في تخصُّص الأدب العربي القديم للباحث خميس بن راشد بن سيف المنذري، بعنوان "أبنية الرّسائل في التّراث العُماني من خلال كتابيّ: تحفة الأعيان، ونهضة الأعيان"، حيث أشرف على المشروع الدّكتور محمّد بن ناصر المحروقي –مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدّراسات العربيّة في الجامعة-، وتكوّنت لجنة مناقشة الرّسالة من كلّ من د. إحسان بن صادق اللّواتي، و د. أحمد حالو، وأ.د عبدالمجيد بنجلالي –رئيس قسم اللغة العربيّة في الجامعة-، وحصل الباحث فيها على نتيجة جيّد جدًّا. وهدفت هذه الدّراسة إلى المساهمة في كشف شيءٍ من مكنونات الثّقافة العُمانيّة من خلال منهجيّةٍ تاريخيّةٍ وصفيّةٍ تحليليّة، واقتضت منهجية الرّسالة تقسيمها إلى مقدّمة وتمهيد وأربعة فصول وخاتمة. حيث بيّن الباحث في المقدمة التّحضيرات اللازمة للدّراسة، أمّا في التمهيد فتحدّث الباحث عن وجود النّثر الفنّيّ العُماني وتطوّره قبل الإسلام، وامتداده الجغرافي خارج الوطن.

وتناول الفصل الأول رسائل الوعظ والنّصح الّتي كان جلّ موضوعاتها تدور حول إصلاح المجتمع، وتقييم نظام الحكم وتوجيهه إلى اتّباع السّلف الصّالح من الأمّة، وترسيخ مبدأ الشّورى في النّظام السّياسي والإداري. أمّا الفصل الثاني فقد تناول فيه الباحث رسائل الإفتاء والأحكام؛ حيث ركّزت الدّراسة على دور العلماء في تقديم الحلول والخيارات المدروسة لمعالجة القضايا الّتي تؤرّق نظام الحكم والمجتمع، وأهمّها القضايا الدّينيّة والاجتماعيّة والماليّة والسّياسيّة. ودار الفصل الثّالث حول الرّسائل السّياسيّة الّتي تدور موضوعاتها حول التّوجيهات السّياسيّة الّتي يصدرها الأئمّة للولاة في كيفيّة إدارة أمور الحكم، والانحرافات الّتي قد تقع في منصب الإمام، وكيفيّة إدارة الشّؤون الدّاخليّة والخارجيّة، والعلاقة مع القوى الأجنبيّة. فيما حوى الفصل الرابع الرّسائل العسكريّة الّتي ركّزت على توجيه القادة والجند إلى كيفيّة إدارة القتال في الحملات العسكريّة، وأسلوب التّعامل مع الحروب الدّاخليّة، وكذلك الرّدّ على التّهديدات العسكريّة الموجّهة إلى عُمان من قِبل قوى الاستعمار الأجنبي. وختم المنذري دراسته بالنّتائج التي توصلت إليها الرسالة.