|   25 أبريل 2024م
السابقالتالي


        يعرّف البعض التّطوّع بأنّه الجهد الّذي يبذله أيّ إنسان بلا مقابلٍ لمجتمعه بدافعٍ منه للإسهام في تحمّل جزءٍ من مسؤوليّة الوطن والمجتمع، وهو ظاهرةٌ إيجابيّةٌ صحيّةٌ ظهرت نتيجةً للتّغيّرات الاجتماعيّة والتّطوّرات الاقتصاديّة والتّقنيّة الّتي يشهادها العالم، وتزداد حاجة المجتمع للتّطوّع والمتطوّعين بزيادة التّقدّم والرّقيّ الّذي تشهده البلاد؛ فالتّطوّع يعكس مدى رقيّ أفراد المجتمع وشعورهم بالمسؤوليّة الملقاة على عاتقهم، كما أنّه يورث التّكافل والمودّة بين الأفراد بما يعود على الوطن بالنّفع والفائدة.في بادرة هي الأولى من نوعها في السّلطنة.. الجامعة تبدأ بتنفيذ برنامج العمل التّطوّعي مقرّرًا اختياريًّا على طلابها

          وكعادة جامعة نزوى في غرس القيم السّامية والأخلاق الفضيلة في نفوس طلابها من منطلق رسالتها الهادفة إلى نشر الفكر الإيجابيَّ وترسيخ هويَّة الأمَّة وقيمها، ونشر المعرفة بما يكفل لطلَّابها التَّعلم، والتَّزود بالفضائل، واكتساب مهارات الحياة اللازمة لإثراء حياتهم وتأهيلهم للإسهام بفاعليَّةٍ لنموِّ المجتمع وتطوُّره؛ ارتأت الجامعة طرح برنامج العمل التّطوّعي مقرّرًا اختياريًّا لطلابها بدءًا من الفصل الدّراسي الحالي (ربيع 2014م)، وذلك كأوّل مؤسّسة تعليميّة في السّلطنة تطرح برنامج العمل التّطوّعي كمقرّر اختياري ممنهج لطلابها. وما كان من "إشراقة" إلا أن ترصد بدايات هذا البرنامج وأهدافه وآليّات طرحه وكيفيّة عمله  في حوار لها مع مديرة برنامج العمل التّطوّعي الأستاذة ميمونة بنت نصرالله الرّقيشيّة.

حاورتها- مريم بنت جمعة الكميانيّة:

في بادرة هي الأولى من نوعها في السّلطنة.. الجامعة تبدأ بتنفيذ برنامج العمل التّطوّعي مقرّرًا اختياريًّا على طلابها

* منطلقات البرنامج..

          تستهلّ الأستاذة ميمونة الرُّقيشيّة لقاءها هذا بعرض منطلقات برنامج العمل التّطوّعيّ وأهدافه، حيث تقول:لم يعُد العمل التّطوعيّ مقتصرًا على الأنشطة الخيريّة ذات الطّابع الفردي، ولم يعُد مقتصرًا على مبادرات الإغاثة وقت الأزمات والنّكبات؛ إنّما تعدّى ذلك ليصبح أداةً فاعلةً في تحقيق التّنمية الشّاملة بشتّى أبعادها، والّتي تسهم في رفاهيّة الإنسان ورقيّ المجتمعات. لهذا تزايدت الأصوات المنادية باستنهاض الطّاقات الكامنة للشّباب من خلال التّطوّع وتحريكها نحو تحقيق النّهضة الشّاملة، وتعميم قيم الخير والجدّيّة وإتقان العمل وحبّ المعرفة. وإذا كانت جهود التّنمية في أيّ مجتمعٍ تقع على عاتق القطاعين الحكوميّ والخاصّ؛ فإن التّوجّهات الحديثة تدعو إلى إدماج القطاع الأهلي التّطوّعيّ للأخذ بزمام المشاركة في الجهود المبذولة في نهضة المجتمعات وتنميتها ورخائها. وهذا بالطّبع ما حدا بالدّول المتقدّمة إلى توجيه اهتمامٍ خاصٍّ بتعزيز ثقافة العمل التّطوّعي لدى النّاشئة عن طريق تضمينه في برامجها التّربويّة والمناهج الدّراسيّة. وحرصًا من جامعة نزوى على تنويع البرامج التّعليميّة المقدّمة لطلابها، وتعزيز  الأبعاد  التّربويّة الّتي تنمّي شخصيّاتهم، وتدعم قيمهم السّلوكيّة، وتقوّي انتماءهم للوطن؛ فقد أدخلت مقرّر العمل التّطوّعي ضمن المقرّرات الاختيارية للجامعة، والّتي بدأ العمل بها الفصلَ الحالي (ربيع 2014م).

 

* البداية كانت مع (60) طالبًا متطوّعًا:

في بادرة هي الأولى من نوعها في السّلطنة.. الجامعة تبدأ بتنفيذ برنامج العمل التّطوّعي مقرّرًا اختياريًّا على طلابها

          وعن البدايات الّتي دعت إلى طرح البرنامج ليكون مقرّرًا اختياريًّا تقول الرّقيشيّة: مبادرة جامعة نزوى في إدخال العمل التّطوّعي ضمن برامجها المقدّمة للطّلاب كانت منذ أكثر من عامين، حيث كان لابدّ من وجود خطوةٍ تمهيديّةٍ قبل إقراره مقرّرًا يدرّس وينفّذ على أرض الواقع؛ فمشاركة طلاب الجامعة في العمل المجتمعي وضمان تفاعلهم فيه يمثّل بُعدًا تربويًّا مهمًّا وجزءًا من رسالة الجامعة وأهدافها، ولابدّ من الإعداد الجيّد لمثل هذه الخطوة وتمهيد الطريق والمسار الممنهج لها، وضمان التّنسيق الجيّد، وتفعيل الأطر التّنظيميّة، وصولًا إلى الأهداف المرجوّة من هذا المقرّر. وفي هذا الإطار طبّقت تجربة التّطوّع على عيّنة تشكّلت من (60) طالبًا لمدّة فصلٍ دراسيّ خارج الإطار الأكاديمي  وتمّ خلال التّجربة رصد الإيجابيّات والتّحدّيات الّتي على ضوئها تقرّر إدخال المقرر ضمن المقرّرات الاختيارية للجامعة.

           وتضيف الرّقيشيّة: كشفت التّجربة عن وجود وعيٍ متنامٍ عن أهميّة العمل التّطوّعي بين طلاب الجامعة ورغبتهم في المشاركة فيه إلّا أن عدم توفّر وقتٍ محدّدٍ في جداولهم، وتعارض وقت الدّراسة الأصليّ مع العمل التّطوعي كان التّحدّي الأكبر، علاوةً على وجود بعض المخاوف لدى بعض أولياء الأمور بأنّ هذا العمل قد يكون على حساب دراسة أبنائهم، وهذا كان من الأسباب الّتي دعت إلى إدخاله بصفته مقرّرًا اختياريًّا.

 

* المقرّر نظريٌّ وعمليٌّ...

في بادرة هي الأولى من نوعها في السّلطنة.. الجامعة تبدأ بتنفيذ برنامج العمل التّطوّعي مقرّرًا اختياريًّا على طلابها

           وعن الطُّلاب الّذين سيشملهم المقرّر الاختياري، تقول مديرة برنامج العمل التّطوعي: سيكون المقرّر متاحًا لجميع طلاب  الجامعة في جميع مراحلهم الدّراسيّة، وهو متاحٌ أيضًا لطلبة الدّبلوم والطّلبة الّذين أنهوا المقرّرات الاختياريّة للجامعة وطلبة الماجستير، يستثنى فقط طلاب السّنة التّأسيسيّة؛ بحكم طبيعة دراستهم الّتي تحتاج إلى التّركيز على متطلّبات هذه المرحلة. وهو يتكوّن من شقين: نظري وعملي؛ في الجانب النّظري يتعرّف الطّلاب على أهميّة العمل التّطوّعي للمجتمع والمتطوع، ودوافع العمل التّطوّعي، وأخلاقيّات العمل التّطوّعي وقيمه، وحقوق المتطوّع وواجباته، وخصائص المتطوّع والمهارات المطلوبة من المتطوّع، وكيفيّة إدارة المشاريع التّطوّعيّة وغيرها من المعارف. أمّا الجانب العملي فيتضمّن التزام الطّالب بالعمل التّطوّعي الموجّه في المؤسّسة الّتي اختارها وانتظامه فيها في الأيّام الّتي تتوافق مع جدوله طوال الفصل الدّراسي، إضافةً إلى حصوله على بعض حلقات العمل والدّورات التّدريبيّة في المهارات الّتي تساعده على أداء عمله بكفاءةٍ في الجامعة وفي موقع عمله.

  

* البرنامج تشاركيٌّ مع مؤسَّسات الوطن الحكوميّة والخاصّة:

في بادرة هي الأولى من نوعها في السّلطنة.. الجامعة تبدأ بتنفيذ برنامج العمل التّطوّعي مقرّرًا اختياريًّا على طلابها

          تحرص الجامعة من خلال هذا االمقرّر على توفير قاعدةٍ متنوّعةٍ من الفرص التّطوعيّة المرصودة مسبّقًا، بالتّعاون مع الجهات المستقبِلة لهؤلاء الطّلاب، وهي مؤسّسات القطاع الحكوميّ والخاصّ والمؤسّسات غير الرّبحيّة؛ بحيث يختار الطّالب من بينها ما يتوافق وتوجوهاته واهتماماته وميوله. وإذا رغب في اختيار ما يتناسب مع تخصّصه فهذا متاحٌ أيضًا؛ فالفرص التّطوعيّة المتاحة أمام الطّلاب تتنوّع بتنوّع الحاجات في المجتمع في مجالات التّعليم والصّحة والتّنمية الاجتماعيّة والتّقانة والزّراعة والصّناعات الحرفيّة والسّياحة وغيرها. وهذه المجالات بالطّبع تخضع للتّطوع بناءً على احتياجات الطّلاب، وبما يتلاءم أيضًا مع الاحتياج المجتمعي وإمكانات المؤسّسات الّتي يتطوّع لحسابها الطّلاب.

           وتضيف أ. ميمونة قائلةً: سيكون هناك متخصّصون لمتابعة هؤلاء الطّلاب في مواقع عملهم الميداني من القائمين على المقرّر في الجامعة، إضافةً إلى من سيتولّى إرشادهم وتوجيههم وتدريبهم وتقييمهم من قبل  المؤسّسة الّتي تستقبل الطّلاب بحيث نضمن سير العمل كما خطط له، وكذلك تسهيل ممارسة الطّلاب لمهامهم.

 

* التّطوّع منظومة قيميّةٌ رائعة...

            بلا شكّ، إنّ العطاء بدون انتظار مقابلٍ من أسمى القيم الإنسانيّة، خاصّةً في زمنٍ تراجعت فيه تلك القِيَم وانحسرت وغلبت الحاجات الشّخصيّة على المصلحة العامّة؛ فالعمل التطوعي منظومةٌ رائعةٌ من قيم النّقاء والخير والانتماء وانكار الذّات، فالطالب الّذي ينخرط في الأطر التّطوّعيّة تدفعه قناعاتٌ عميقةٌ بأهميّة هذا العطاء، كما تدفعه الرغبة في تطوير ذاته وتوسيع معارفه وخبراته في مجالاتٍ عمليّةٍ مختلفةٍ غالبًا ما تكون ذات علاقةٍ مباشرةٍ بتخصّصه الأساسيّ؛ ممّا يسهم في تطوير الجانب العملي وتجهيزه لحقل العمل خاصّةً في ظلّ التّنافس الشّديد على فرص العمل، علاوةً على اشتراط بعض المهن على الحصول على خبرة. فالتّطوّع يسهم في زيادة تأهيل الطّلاب لفرص العمل؛ لذلك فالعائد الإيجابيّ للتّطوّع لا يكون للمؤسّسة أو الأفراد الّذين تقدّم لهم الخدمة التّطوعيّة فحسب؛ وإنّما العائد الأهمّ والأبقى يكون للمتطوّع نفسه، الّذي يحقّق ذاته ويشبع حاجاته النّفسيّة من تقدير الذّات وشعور بالرّضا والانتماء والثّقة بالنّفس وكسب احترام الآخرين وتطوير شتّى المعارف والممهارات.

 في بادرة هي الأولى من نوعها في السّلطنة.. الجامعة تبدأ بتنفيذ برنامج العمل التّطوّعي مقرّرًا اختياريًّا على طلابها

* مخرجات المقرّر:

          وتختم الأستاذة ميمونة الرُّقيشيّة حديثها بقولها: بعد نهاية هذا المقرّر يتوقّع من الطّلاب أن يكونوا قادرين على التّعرّف على المفاهيم الأساسيّة والمبادئ العامّة للعمل التّطوعي وأهميّته وأهدافه وآثاره الإيجابيّة على كلٍّ من المتّطوِّع والمجتمع ودوافعه المختلفة، كذلك التّحلّي بأخلاقيّات العمل التّطوعيّ والالتزام بلائحة حقوق المتطوّع وواجباته. هذا إلى جانب تطوير مهاراتهم الّتي تُعينهم على أداء مهامّهم التّطوّعيّة بكفاءةٍ، وتنظيم برامج عمل تطوّعيّة وتنفيذها ومتابعتها، بحيث تخدم المجتمع وأفراده، إضافةً إلى اكتساب مهاراتٍ في تنظيم الفعاليّات وإدارتها.