|   28 مارس 2024م
السابقالتالي


شارك مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية  في المؤتمر السادس للفكر الإباضي، والذي انعقد بمعهد المخطوطات الشرقية بالأكاديمية العلمية الروسية بمدينة سانت بطرسبيرج بجمهورية روسيا الإتحادية في الفترة(1-3/6/2015م)، وقد مثل المركز الدكتور سليمان بن سالم الحسيني -باحث متفرغ بالمركز- حيث قدم بحثا بعنوان:" التسامح والمودة وكرم الضيافة التي لقيها الرحالة الأوربيون والأمريكان الذين زاروا عُمان في القرنيين التاسع عشر والعشرون".

 جانب من مؤتمر\" الفكر الإصلاحي للمدارس الفكرية الإسلامية في العصر الحديث\"

ركز فيه على ما كتبه الرحالة والمواطنون الأوربيون والأمريكان الذي زاروا عمان وأقاموا فيها من أجل العمل وتركيزهم على سمات الكرم وحسن الضيافة والتسامح الديني والثقافي الذي لمسوه من قبل المجتمع العماني. ومن هؤلاء الرحالة البريطاني فلكس هيج الذي وصل عمان في 1887 وقام بجولة في مسقط ومطرح التقى فيها  بالسلطان الذي رحب به في عمان، وتحدث هيج إلى الناس وتعرف منهم على المستوى التعليمي والثقافي والديني في البلد. وبعد ذلك قام بجولة بواسطة الجمال إلى مدينة سمائل حيث أقام بها عدة أيام والتقى فيها بأعيان البلد والمواطنين. وقد ذكر هيج في التقرير المطول الذي كتبه عن زيارته إلى عمان ونشر في وسائل الإعلام بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أن العمانيين من أعرق الشعوب العربية، وأنهم متمسكون بدينهم الإسلامي إلا أن ذلك لم يمنعهم من التسامح مع أصحاب الديانات الأخرى والاطلاع على ما لدى الغير من معارف وكتب. وذكر بأن لقاءه مع أعيان سمائل وعلمائها تتطرق إلى مناقشة المواضيع الدينية ولم يتمنع أؤلئك الناس من إعطائه الفرصة ليتحدث عن المسيحية ويقرأ أمامهم من الإنجيل. كما أن هيج كتب عن المستوى التعليمي في البلد وذكر أن المدارس منتشرة حيث يتعلم الأطفال القرآن ومبادئ القراءة والكتابة. كما أن مصاحف القرآن الكريم التي تستورد من الهند منتشرة في عمان وتباع بسعر رخيص، وقد ذكر أن كل رجل يستطيع القراءة لديه مصحف.

وتطرق البحث كذلك إلى الزيارة التي قام بها البريطاني فالبي فرنش إلى مسقط واستمرت بضعة أشهر. وقد كتب فرنش عن التسامح الذي وجده من قبل العمانيين في مسقط، فقد أتيحت له زيارة المساجد والاجتماع فيها بالعلماء الذين كانوا يقيمون حلقات العلم، وناقشهم في عدد من المواضيع الدينية بالرغم من أنهم يعرفون أنه ليس مسلما وأنه متحمس لدينه الذي ينتمي إليه. إضافة إلى ذلك فإن فرنش قد ذكر أن جولاته في مسقط ومطرح أتاحت له الالتقاء بالناس ودعوته لتناول القهوة والحديث معهم في بيوتهم، وقد ذكر فرنش أنه لم يواجه خلال إقامته في مسقط بأي نوع من الاضطهاد بسبب دينه أو انتمائه الثقافي والعرقي.


ومن الشخصيات الذي ذكرها البحث أيضا الطبيب الأمريكي بول هريسون الذي عاش في عمان بين 1928-1938م وتمكن من التجول في معظم ربوع عمان وعالج فيها المرضى وتحدث إليهم وناقشهم في الكثير من المواضيع، وقد ذكر الطبيب هاريسون «أن عمان أرض التسامح والكرم»، وذكر أنه في عمان دخل هو وزملاؤه إلى بيوت الفقراء والميسورين وتناول القهوة والشاي مع الغني في بيته ومع الفقير في كوخه، فلم يتمنع العمانيون بسبب دينهم أو عرقهم من ضيافته وتكريمه وحمايته.

كما ذكرت الطبيبة سارة هوسمون وزميلتها فاني لتون أنهن تحدثن عن خلق المرآة العمانية، وما كانا يلاقيانه أثناء جولاتهن في مسقط أو خارجها من قبل العمانيات من ترحيب وكرم ضيافة، كما ذكرن أن العمانيات اللآتي يزرن مستشفى الإرسالية في مسقط كن مهذبات ويتعاملن معهن باحترام وتقدير.

وقام الطبيب الأمريكي ولز توماس إلى نزوى في 1940 و 1944 والتقى فيها بالإمام محمد بن عبدالله الخليلي، وقد ذكر الطبيب ولز أن تلك اللقاءات أتاحت له التعرف عن كثب على التوجه الديني المعتدل والمتسامح الذي كان ينتهجه الإمام مع المواطنين ومع الأوروبيين، فقد ذكر أن الإمام ناقش الطبيب في معتقده الديني ولما قال له الطبيب أننا نعبد الرب الخالق الواحد قال له الإمام أنتم أهل الكتاب ولكم الأمان في بلدنا وحرية التنقل. وقد قال الطبيب ولز تومس في تقرير كتبه عن ذلك اللقاء «لقد كان هذا اللقاء بداية معرفة طويلة وسعيدة بهذا القائد الروحي المسلم غير العادي الذي عاش حياة بسيطة للغاية».