|   25 أبريل 2024م
السابقالتالي


راعي الحفل والحضور

رعى معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس –مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية- صباح اليوم الأربعاء الموافق(9/5/2018م)حفل افتتاح الندوة الدولية "المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني"، والتي تنظمها الجامعة ممثلة بمركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية، وكان ذلك بحضور أصحاب المعالي والمكرمين أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، والمشايخ الأجلاء، ومجوعة من الباحثين والمهتمين من داخل السلطنة وخارجها.

كلمة الدكتور المحروقي في الحفل

وبدأ حفل الافتتاح بآي من الذكر الحكيم، تبعته كلمة مركز الفراهيدي للدراسات العربية ألقاها الدكتور محمد بن ناصر المحروقي –رئيس اللجنة العلمية، ومدير المركز- قال فيها:" تأتي هذه الندوة الدولية: المهلب بن أبي صفرة الأزديّ العُماني، في إطار الجهود الوطنية المبذولة عبر البحث العلمي للإسهام  الفاعل لصون الإرث التليد لأمتنا العظيمة بشقيه المادي والمعنوي. وفي هذا المسعى تتكامل جهود مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والانسانية  بجامعة نزوى،  عبر سلسلة ندوات تُعنى بأعلام عُمان تخليداً لعطائهم الإنساني الفيّاض وتمحيصاً علميا دقيقاً لنزع ما قد يشوبه من دَخن الزمان وعوالق الهوى". وأضاف "علم هذه الندوة المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني شخصية قيادية فذة برعت في فنون الحرب، وصنع الانتصارات كما أشرقت في إدارة الأقاليم وترسيخ المُلك، نشأ في بيت زعامة وقيادة  لقومه فوالده أبو صفرة سارق بن ظالم العتكي الأزدي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلن اسلامه وكنّاه "بأبي صفرة" ثم وفد على خليفة رسول الله ابي بكر الصديق رضي الله عنه ضمن وفد عمانّي رسمي رفيع المستوى بقيادة عبد بن الجلندى وكان خطيب الوفد فألقى كلمة الوفد في مسجد رسول الله، كما يحفظ التاريخ لهذا الأب الزعيم درساً لا يُنسى في تربية القادة وهو على فراش الموت اذ جمع بنيه وأعطى كل واحد منهم عصى، وطلب منهم كسرها، فكسر كل عصاه. وأتى بأخرى في عددهم فأعطاها الأصغر فلم يستطع كسرها، والأكبر عنه فالأكبر ولم يستطع أحد كسرها. هنا التفت أبو صفرة إليهم وقال "كونوا جميعا متحدين هكذا"، وأنشد:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّرا      وإذا افترقن تكسّرت آحادا

وخَلَفَه بعده على رئاسة الأزد ابنه المهلب فكان القائد المحنّك الذي واجه الأزارقة، وأحاط بهم و أغلق عليهم كل منفذ، حتى قال قائلهم:" إنا لنخشى أن يتهبط علينا المهلب من الأرض أو من السماء" ولقبوه بالساحر".

وفي ختام كلمته دعى المحروقي الباحثين إلى صون التاريخ العماني فقال:" إن الإرث الفكري والحضاري العماني بمخطوطاته ووثائقه شاهد على تلك الإنجازات غير أنه متوزع في دول العالم، في فارس والهند والبرتغال وشرقي أفريقيا حتى جزر القمر ومدغشقر، ومع الجهود الكبيرة والمقدرة التي تبذلها المؤسسات الرسمية فإن المهمّة كبيرة جداً جداً، وإنني أدعو الجامعات والمراكز البحثية الحكومية والأهلية؛ أن تباشر لتوثيق ذلك التراث وحفظه وعرضه للداخل والخارج، لعُمان والعالم، وأن نكثف العمل لتقديم هذا التراث للنشء حفاظاً على الهوية والأصالة المميزة لعمان فالانقطاع عن التراث خيار من لا خيار له ، فــ"المنبتّ" – كما ورد في الإثر-  "لا أرض قطع ولا ظهراً أبقى". كما أدعو الى إنشاء صندوق وقفي يساهم فيه الجميع ليكون داعماً لهذه الجهود على أن يسخر ريع هذا الوقف لتمويل الأبحاث العلمية".

بعد ذلك قدمت اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم فيلما وثائقيا عن المهلب بن أبي صفرة، شمل سيرته الذاتية ونشأته وتنقلاته وفتوحاته، مطعَما ذلك بحوارات مع مجموعة من الباحثين العمانيين، وكذلك الأشعار التي قالها والتي قيلت فيه والعلماء القدامى الذين تحدثوا عنه في كتبهم، ثم وفاته ورثاء الشعراء له.

ورقة بحثية للدكتور الهاشمي جانب من حديث الدكتور فاروق عمر فوزي عن تاريخ المهالبة

وضمن حفل الافتتاح قدم جانب من المحور التاريخي للندوة، حيث قدم الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي - أستاذ التاريخ بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس- ورقة بحثية عن جغرافية الأرض العمانية في القدم وتاريخها وامتداد حضارتها وعلاقتها بالحضارات الأخرى. ثم قدم الأستاذ الدكتور فاروق عمر فوزي –أكاديمي من العراق- ورقة بحثية بعنوان" دور آل المهلب بن أبي صفرة في المشرق الإسلامي خلال العصر الأموي" أشار فيها إلى الدور الريادي المميز لأسرة المهالبة في العراق والمشرق والإسلامي، في حقبة من أشد حقب التاريخ الإسلامي تعقيداً، تداخلت فيها الأحداث، وتضاربت فيه مصلحة الدولة مع مصالح قوى سياسية عديدة، وكادت أن تعصف بالدولة الأموية لولا وجود بعض الخلفاء الأقوياء ورجالات من ذوي الكفاءة أمثال المهلب وأبنائه.

ثم تحدث عن أبوصفرة -والد المهلب- ودوره في الفتوحات في العصر الراشدي، وخاصة بعد استقرار الأزد في البصرة. ثم ظهور اسم المهلب مبكراً في فتوحات المشرق، منذ عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، ودوره في مجابهة أكبر خطر هدّد الدولة والمجتمع وهو خطر الأزارقة. وأشار إلى دوره في مجال السياسة والإدارة فقد تقلّد المهلب عدداً من المناصب الإدارية والسياسية في العراق وخراسان وأقاليم أخرى في المشرق الإسلامي، و ظل هو وأبناؤه موالياً للشرعية متجنبا للفتنة، وبذلك نالوا تقدير عدد من خلفاء بني أمية، فقد أثبتوا أنهم رجال المهمات الصعبة الذين لا يستغنى عنهم.

يونس البوسعيدي يلقي قصيدته الشعرية

إلى جانب ذلك قدم الفاضل محمد بن جمال الكندي – مهتم بالتاريخ وصاحب متحف بيت قرش بنزوى- ورقة بعنوان "تاريخ آل المهلب من خلال المسكوكات الإسلامية"، تحدث فيها عن أهمية النقود بصفة عامة والمسكوكات الإسلامية بصفة خاصة باعتبارها أقوى وأهم أشكال التوثيق التاريخي والحضاري لما لها من دور في كشف الحقائق، وما تتسم به من قطعية الدلالة لتحديد التاريخ والحقب الزمنية. وتحدث عن أبرز المسكوكات التي سكّها المهالبة كدرهم المهلب بن أبي صفرة والذي ضرب في بيشابور سنة 76 للهجري، ودرهم يزيد بن المهلب وهو درهم ساساني معرّب، وفلس روح بن حاتم والذي ضرب في صحار سنة 141 للهجرة، وغيرها مما تدل على نسب ودور آل المهلب في عمان. واختتم حفل الافتتاح بقصيدة شعرية قدمها الشاعر يونس بن مرهون البوسعيدي أشار فيها إلى التاريخ العماني وثرائه وأهمية الحفاظ عليه من التزييف والتزوير.

جانب من افتتاح راعي الحفل للمعارض المصاحبة للندوة جانب من افتتاح راعي الحفل للمعارض المصاحبة للندوة جانب من افتتاح راعي الحفل للمعارض المصاحبة للندوة

وفي ختام الحفل توجه راعي الحفل والحضور إلى افتتاح المعرض المصاحب للندوة والذي ضم مجموعة من الخرائط العمانية القديمة التي وتوضح امتداد جغرافية السلطنة وتاريخها، إلى جانب معرض للمسكوكات العمانية القديمة لا سيما المتعلقة بعصر المهالبة، ومعرض ثالث للكتب التي أصدرها مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية.

رئيس الجامعة يقدم هدية تذكارية لراعي حفل الافتتاح

وقد صرح معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية بأن ندوة المهلب بن أبي صفرة جاءت لوقف الاعتداء على أسلافنا وعلى تاريخ رجال عظام خدموا البلاد والعباد في كل مكان ذهبوا إليه. وأوضح معاليه في تصريح إعلامي أثناء افتتاحه للندوة اليوم بأن التاريخ ليس إرثًا لأحد، لكن الشخصيات تعود إلى أوطانها ولانتمائها. وقال أيضًا: تمنينا أن تكون جلستنا هذه لمد جسور الحوار مع الآخرين ليكونوا جزءًا من هذه الأرض الطيبة التي تحتوي الكثير، لكنهم تركوا عمانيتهم وذهبوا لشيء آخر، تاهوا في الأرض أربعين عامًا، وعادوا الآن مرة أخرى يريدون أن يكونوا عُمانيين، فعلى الرحب والسعة، لكن يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها ونعطي الحق لأصحابه. وأكد معالي مستشار جلالة السلطان بأن الاعتداء على الأموات ليس بشيء من الكرامة، وأن الندوة جاءت لإنصاف الحق والتاريخ الممتد منذ مالك بن فهم وما قبل ذلك، منذ الملكة شمساء إلى عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد – حفظه الله – الذي فجر نهضة مباركة عمت البلاد والعباد.

هذا وتستمر أعمال الندوة الدولية التي يشارك فيها أربعة عشر باحثا من داخل السلطنة وخارجها على مدار يومي الأربعاء والخميس، للحديث عن المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني من خلال عدة محاور هي المحور التاريخي ويتحد عن سيرة المهلب وآل المهلب في المصادر العمانية والعربية والأجنبية، والمحور الأدبي الذي يتمثل في أدب المهالبة وما قيل في مدحهم، إضافة إلى محور الآثار ويدور حول دراسة المعالم الأثرية للمهالبة في عمان.