السابقرجوعالرئيسةالتالي


نبض السرد والشعر: القاسمي يفك شفرات "تغريبة القافر" في ندوة نقدية مميزة بجامعة نزوى

نبض السرد والشعر: القاسمي يفك شفرات "تغريبة القافر" في ندوة نقدية مميزة بجامعة نزوى

 

 

 كتبت- سندس سعيد المعمرية

 


شهدت كلية العلوم والآداب، ممثلة في قسم اللغة العربية بجامعة نزوى، ندوة أدبية نقدية استثنائية بعنوان: "العوالم الممكنة في رواية تغريبة القافر"، استضافت الروائي العُماني الكبير الأستاذ زهران القاسمي. أدار الحوار الدكتور بلقاسم بن علي مارس، وشكّلت الجلسة محطة ثرية للنقاش والمداخلات التي أثرتها كوكبة من الأساتذة والطلبة، وتناولت العلاقة الجدلية بين الشعر والسرد، وقضايا الوجود والهوية في التجربة الروائية للقاسمي.





 

كشف الروائي زهران القاسمي عن تحول مساره من مشروع شعري إلى مشروع سردي، موضحًا أن كل شبر في قريته يحمل حكاية، وأن هذا التحول كان دافعًا لكتابة أولى رواياته في عام 2012. وأشار إلى أن قدومه من قرى الدماء والطائيين وثقافتها السكانية المتشابهة جعله يختار مواضيع لم يسبق التطرق إليها.

 

وكذلك تطرق القاسمي إلى روايته الأخيرة "الروع" (الفزاعة)، مؤكدًا أن العمل فيها كان اشتغالًا نفسيًا عميقًا على نمو الخوف في النفس البشرية منذ الصغر.

 





هيمنت على الندوة تساؤلات حول حضور الشعر داخل الرواية، حيث افتتح الشاعر الأستاذ سعود بن ناصر الصقري المداخلات بتساؤل حول كيفية تحقيق التوازن بين الجمال والأسطورة في الرواية، وعمّا تبقى من الشعر في العمل السردي. أوضح القاسمي أنه كان متحفظًا وخائفًا في البداية من طغيان التهويمات الشعرية على السرد، لكن مع التجربة، أصبح من الممكن إدخال اللغة الشعرية في أماكن محددة لتعطي جمالية للصورة والمشهد دون أن يطغى الشاعر على الروائي.

 

وفي سياق المداخلات، تساءلت الأستاذة عائشة عن الانزياح المقصود في لغة الرواية نحو التكثيف والشعرية. ورداً على تساؤل الدكتور فليح السمرائي حول استخدام اللهجة العُمانية في الرواية، أكد القاسمي أنها لم تعد إشكالية وأنها استخدمت بحذر في الحوار المقتضب لتكون مفهومة من السياق.

 

 تضمنت الندوة مداخلات عميقة لامست جوهر العمل، أبرزها مداخلة الطالبة سلمى الرمحي، من قسم الدراسات اللغوية، التي وصفت الرواية بأنها "ملحمة إنسانية" تبحث عن معنى الحياة في مواجهة قسوة الوجود، معتبرة إياها نصاً تأملياً يتناول العلاقة المصيرية بين الإنسان والموارد الأساسية (كالماء).

 

ولخص القاسمي مقصده في "تغريبة القافر" بتساؤل فلسفي حول الماء، وكيف للمادة التي هي أساس الحياة أن تتحول إلى أساس للموت، سواء من خلال الغرق أو الجفاف.

 

تطرق الحضور إلى مسؤولية المبدع، حيث وجه زكريا الشامي سؤالاً شخصياً للروائي حول تأثير الآخرين عليه ونصيحته للمبدعين الجدد.

 





أكد القاسمي أن الكتابة بالنسبة له "هم يوجد في الإنسان"، وأنه يكتب "لِنَفْسه في البداية" كشيء يحبه، نافياً أن تكون الكتابة الحقيقية للشهرة أو المال.

 

وفي سؤال عن مسؤولية المثقف والهوية، رفض القاسمي فكرة أن يكون المبدع أستاذاً أو شخصاً تلقينياً، مؤكداً أن دوره خلق الحالة الثقافية في العمل بصدق دون إملاءات. قدم القاسمي نصيحته الجريئة قائلاً: لكل من يرغب في أن يصبح روائيًا، "لا تسمع نصائح من أحد. اعتمد على نفسك وحاول أن تجد طريقك وتشُق بنفسك لونك بعيداً عن كل هذه الإملاءات".

 

وفي ختام الجلسة، وجه الدكتور بلقاسم مارس الشكر والتحية للحضور، داعياً الدكتور مسعود الحديدي إلى المنصة لوداع الروائي زهران القاسمي، وتأكيداً على قيمة هذه اللقاءات الثرية التي تُثري المجال العلمي والأدبي والثقافي.

 



© 2025 جامعة نزوى