| السابق | رجوع | الرئيسة | التالي |
جلسات عمل تبحث في سيرة الشيخ أحمد وحياته العلمية والشعرية
جامعة نزوى تحتفي باليوم العالمي للغة العربية بعنوان "إشراقات لغوية وأدبية من إرث الشيخ الشاعر أحمد بن منصور البوسعيدي"
كتبت – سُندس سعيد المعمرية
في مشهد ثقافي بهيّ تتعانق فيه اللغة بالهوية، والشعر بالمعرفة، احتفت جامعة نزوى باليوم العالمي للغة العربية لعام 2025م، من خلال ندوة علمية أدبية نظّمها قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب، حملت عنوان: «إشراقات لغوية وأدبية من إرث الشيخ الشاعر أحمد بن منصور البوسعيدي».
رعى الاحتفال المكرم الدكتور محمد بن ناصر الصقري، عضو مجلس الدولة، وبحضور الأستاذ الدكتور أحمد بن خلفان الرواحي، رئيس جامعة نزوى، وعدد من المكرمين أعضاء مجلس الدولة، ونخبة من الأكاديميين والأدباء والمهتمين، إلى جانب طلبة الجامعة.
واستُهل الحفل بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم، أعقبها عرض فيلم تعريفي بجامعة نزوى، عكس رسالتها العلمية والثقافية، ودورها الريادي في خدمة المجتمع، قبل أن تتوالى فقرات البرنامج في أجواء احتفائية أكدت مكانة اللغة العربية بوصفها وعاءً للهوية، وجسرًا للحضارة، وأفقًا متجددًا للإبداع.
وفي كلمته، أوضح الدكتور مسعود بن سعيد الحديدي، رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة، أن الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية لا يقتصرُ على استذكار لغة الضاد بوصفها أداة تواصل، بل يتجاوز ذلك إلى الاحتفاء بالهوية الحضارية والذاكرة الثقافية، مشيرًا إلى أن شعار هذا العام: «آفاق مبتكرة للغة العربية: سياسات وممارسات ترسم مستقبلًا لغويًا أكثر شمولًا»، يعكس وعيًا بأهمية تجديد اللغة، وتفعيل تراثها، ودمجها في التحولات المعرفية والتقنية المعاصرة.
وأكد الحديدي أن قسم اللغة العربية دأب على ربط الاحتفاء بهذه المناسبة بشخصيات أدبية عُمانية مرموقة، إيمانًا بأهمية استحضار الرموز الثقافية الوطنية، مبينًا أن اختيار الشيخ الأديب أحمد بن منصور البوسعيدي محورًا للندوة يأتي تقديرًا لإسهاماته العلمية والأدبية، وما يمثله من نموذج للعالم الأديب الذي جمع بين عمق اللغة، وجمال البيان، وصدق الانتماء، وأسهم في إثراء الثقافة العُمانية والعربية.
وأضاف الدكتور مسعود الحديدي بقوله: "إن الحديث عن آفاق مبتكرة للغة العربية لا يعني القطيعة مع التراث، بل يعني إعادة قراءته، وتفعيله، واستثماره في بناء سياسات لغوية محكمة، وممارسات تعليمية وثقافية شاملة، تضمن حضور العربية في التعليم، والإعلام، والتقنية، والبحث العلمي، والفضاء الرقمي. فاللغة التي لا تُنتج معرفة، ولا تُواكب العصر، مهددة بالتراجع، مهما كان ماضيها عظيمًا. ومن هنا، فإن المستقبل اللغوي الذي ننشده، هو مستقبلٌ تُتاح فيه العربية لجميع فئات المجتمع، وتُدمج فيه في التقنيات الحديثة، ويُعاد فيها الاعتبار لجمالياتها البلاغية، وقدرتها على الإبداع، والتفكير، والنقد، والحوار الحضاري، فما عادت تملأ اللغة العربية أقلام كتابها من غير تجديد في الطرح، وما عادت تملؤها بالتجديد الناقم على تراثها وهويتها الحضارية.
وأكد الدكتور الحديدي في كلمته : " إن مسؤولية النهوض باللغة العربية مسؤولية مشتركة، تبدأ من السياسات اللغوية الوطنية، ولا تنتهي عند قاعات الدرس، بل تشمل الأسرة، والمؤسسات الثقافية، والجامعات، ومراكز البحث، وصنّاع المحتوى، وكل من يؤمن بأن اللغة ليست ماضيًا يُستدعى، بل مستقبلاً يُصنع، وهذا ما نلمسه في كثير من التشريعات العمانية في نهضة عمان المتجدد بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه.
وشهد الحفل عرض فيلم وثائقي عن سيرة الشيخ الشاعر أحمد بن منصور البوسعيدي، استعرض محطات من حياته العلمية والتعليمية، وحلقاته العلمية التي أقامها في المساجد والبيوت، وشرحه لمتون العلم، إلى جانب ملامح من علو همته وتواضعه، ومسيرته الشعرية التي بدأت في سن مبكرة، وتنوّعت أغراضها بين المناسبات الدينية، والرثاء، والترحيب، ووصف الطبيعة، والمعارضات الشعرية، فضلًا عن إرثه الشعري الكبير الذي جمعه في ديوان «نفحات الربيع». كما سلّط الفيلم الضوء على صفاته الأخلاقية الرفيعة، وكرمه، ولطف معشره، وصبره في آخر عمره حتى وفاته عام 1444هـ.
وتضمّن البرنامج كلمة للمركز الثقافي بولاية منح، ألقاها رئيسه سيف بن سالم البوسعيدي، أشاد فيها بالجهود الكبيرة التي تبذلها جامعة نزوى في خدمة اللغة العربية والنهوض بها، مؤكدًا أن احتفاء الجامعة باليوم العالمي للغة العربية يعكس رؤية مؤسسية واعية بأهمية اللغة ودورها في بناء الإنسان. وأشار إلى أن المركز نفّذ مئات البرامج الثقافية والتعليمية، من بينها برامج متخصصة في اللغة العربية، وتعليم العربية للناطقين بغيرها، بما يعكس البعد الحضاري والإنساني لهذه الجهود المُشتركة.
وأضفى الحفل بُعدًا إبداعيًا مميزًا من خلال قراءات شعرية احتفت بالشيخ الشاعر المحتفى به، وقراءة مختارات من ديوان «نفحات الربيع»، إلى جانب مشاركات شعرية لعدد من الشعراء، ومشهد أدائي قدّمه طلبة الجامعة في سجال إبداعي بين المتنبي وجوته، في لوحة فنية جسّدت الحوار الثقافي بين الشرق والغرب، وأكدت عالمية اللغة والإبداع.
واختُتم الحفل بتكريم الفائزين والمشاركين، وسط إشادة واسعة بمستوى التنظيم وثراء البرنامج، الذي عكس التزام جامعة نزوى برسالتها في صون اللغة العربية، وإحياء إرثها، ورعاية المواهب الشابة، تأكيدًا على أن العربية ليست ماضيًا يُستعاد فحسب، بل مستقبلًا يُصاغ بالوعي والإبداع والمسؤولية.
وشهد الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية جلستي عمل قدمت فيها العديد من الأوراق والبحوث العلمية والتي ركزت على جمالية البساطة في شعر الشيخ أحمد بن منصور البوسعيدي ، وفن المطارحات الشعرية في نفحات الربيع ، وصف الطبيعة في ديوان نفحات الربيع ، والهوية الوطنية والحضارية في " ديوان نفحات الربيع " قراءة في عتبات النص " والحياة اليومية في شهر الشيخ أحمد بن منصور البوسعيدي.
وناقشت الجلسات العلمية سيرة الشيخ أحمد بن منصور البوسعيدي ، والمحمولات النفسية والمعرفية في ديوان نفحات الربيع ، وغيرها العديد من المواضيع الأخرى .