|   25 أبريل 2024م

     تقعُ ولايةُ نـَزْوى في المنطقةِ الداخليَّةِ، ويتبعُها عددٌ من القُرى المحيطةِ بها، إضافةً إلى إقليمِ الجبلِ الأخضر. وتنقسمُ من النَّاحيةِ الإداريَّةِ إلى المقرِّ الرَّئيسِ للولايةِ -وهو مدينةُ نزوى-، ونيابتِها بركةِ الموز والجبلِ الأخضر .

     وتعدُّ مدينةُ نَزوى -عاصمةُ الولايةِ-  من أهمِّ مدُنِ السَّلطنةِ، وهي أكبرُ مدنِ داخليَّةِ عُمان، ومركزُ المنطقةِ؛ ممَّا جعلَها في وضعِ العاصمةِ الإقليميَّةِ لها، وهي همزةُ وصلِ للمواصلاتِ بينَ عددٍ من مناطقِ السَّلطنةِ، فترتبطُ بمنطقةِ الظَّاهرةِ بواسطةِ طريقِ عبري- نَزوى، وبمحافظةِ مسقطَ بطريق نـَزوى- مسقط، وبالمنطقةِ الوسطى بطريقِ نـَزوى- ثمريت؛ ممَّا أعطاهَا مركزًا تجاريًّا مهمًّا. وإذا كانَ حالُها هذَا في الوقتِ الحاضر، فقد احتلتْ مكانًا مرموقًا في الماضي باعتبارِها العاصمةَ التَّقليديَّة لعُمان لفترةٍ طويلةٍ من الزَّمن، وكانت القلبَ النَّابضَ لجنوبِ شرقِ شبه الجزيرةِ العربيَّةِ؛ لما تمتعتْ به من ميزاتٍ طبيعيةٍ متعدِّدةٍ -أسلفنا ذكرَ بعضِها- فاتخذها أئمةُ عُمانَ عاصمةً لهم ومركزًا اقتصاديًّا وسياسيًّا، وقال عنها الشَّيخُ العلامةُ سالمُ بن حمُود السِّيابي: "تقعُ نـَزْوى تحتَ سفحِ الجبلِ الأخضَر، فهي مكتظَّةٌ بالجبالِ كغيرها من المدُنِ، ذاتُ أنهارٍ وبساتين". والجبلُ الاخضرُ هو عبارةٌ عن كتلةٍ صخريَّةٍ التوائيَّةٍ يعودُ تاريخُها إلى الزَّمن الثَّالثِ الجيولوجي؛ حيثُ يعدُّ امتدادًا لسلسلةِ الجبالِ الممتدةِ من عُمان إلى جبالِ (زجروس) في إيران .

     أمَّا مناخُ ولايةِ نَزوى فهو في أغلبِه مناخٌ حارٌّ صيفًا، يميلُ إلى البرودةِ النِّسبيَّةِ شتاءً باستثناءِ إقليمِ الجبلِ الأخضَر؛ إذ تعتدلُ فيهِ درجةُ الحرارةِ صيفًا، وتشتدُّ البرودةُ شتاءً إلى معدَّلٍ مئويٍّ يصلُ أحيانًا إلى درجةِ الصِّفر المئويَّة، وتسقطُ الأمطارُ على الولايةِ، وخاصَّةً إقليمَ الجبلِ الأخضر على فترتينِ خلالَ العام: ففي الصَّيفِ يتأثـَّرُ إقليمُ الجبل الأخضر بالرِّياحِ الجنوبيَّةِ الشَّرقيَّةِ القادمةِ من المحيطِ الهندِي، ونحوَ الغرب فتتسببُ بسقوطَ الأمطارِ في فصلِ الصَّيفِ. أمَّا في الشِّتاءِ فيتأثـَّرُ بانخفاضِ درجةِ الضَّغطِ فوقَ مياهِ الخليج العربيِّ، فيتأثـَّرُ بالرِّياحِ الشِّماليَّةِ الشرقيَّةِ القادمةِ من الخليج، فتتسببُ في سقوطِ الأمطارِ شتاءً، وبذلك يعتبرُ هذا الإقليم المصدرَ الرَّئيسَ للمياهِ في الولايةِ، حيث تسيل الأودية في اتجاه الجنوب واشهر هذه الأودية التي تتأثر به الولاية : الوادي الهجري الذي ترفده مجموعة من الأودية الأخرى فيكون مجرى مائيا واحدا يطلق عليها محليا اسم (الوادي الأبيض) الذي يخترق قلب المدينة نزوى في اتجاه الجنوب ليصب في بحر العرب ومن الجهة الشرقية وادي المعيدن الذي ترفده أيضا أودية أخرى فيكون ممرا مائيا واحدا ويحد نيابة بركة الموز كما يعتبر الجبل الاخضر خزانا مائيا يغذى الافلاج والآبار في الولاية وهناك واد آخر له أهميته أيضا يأتي من الجبال الصغيرة التي تحد مدينة نزوى من جهة الغرب والتي تسمى محليا (الحلى ) حيث يسيل الوادي الأسود والمعروف محليا ( بوادي كلبوه ) ونظرا لاعتدال درجة الحرارة في إقليم الجبل الأخضر ولوجود قرى عامرة للزراعة التي تتخذ شكل المدرجات الزراعية وزراعة أنواع متعددة من الفواكه كالرمان والخوخ والعنب والمشمش والجوز واللوز مما يضفي على الجبل طابعا خلابا لذلك فهو من الممكن أن يكون مصيفا جيدا .

     المكانة التاريخية : تحدثنا آنفا عما تتمتع به ولاية نزوى من مكانة جغرافية وحضارية الأمر الذي خلد فيها عددا من المآثر الحضارية والتاريخية والتي نود إن نوجزها فيما يلي الآثار - تعتبر قلعة نزوى الشهباء من أروع واضخم المآثر الحضارية والتاريخية في عمان فموقعها الممتاز في وسط مدينة نزوى وبجوار مركزها السياسي قديما وهو مقر الإمامة الذي يقع في حصن نزوى الملاصق لها وبعلوها الشاهق حيث تترامى للناظر من بعيد ولحصانتها ومناعتها التي صعبت على المعتدى قديما جعلها أهم معلم حضاري وتاريخي في السلطنة فقد بناها الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي الذي خلف الإمامة من الولي الصالح الإمام ناصر بن مرشد وذلك في عام (1668م) وكانت عمان يومها تتمتع بمكانة عالمية مرموقة حيث تمتد ممتلكاتها عبر البحار إلى جنوب شرقي إفريقيا والى أجزاء من شبه القارة الهندية وتبسط شبه سيطرة كاملة على مياه الخليج العربي ولا تزال اليوم شاهدة عيان يحكي قصة أمجاد خالدة ويبلغ ارتفاع القلعة عن سطح الأرض 24 مترا ويبلغ قطرها الخارجي 43 مترا أما قطرها الداخلي فيبلغ 39 مترا وقد استخدم ما مقداره 17925 مترا مكعبا من الأتربة والحجارة في ردم القلعة من سطح الأرض حتى ارتفاع 15 مترا أما كمية الحجارة المستخدمة في بنائها فتقدر بحوالي 6177 مترا مكبعا من سطح الأرض ويوجد في القلعة 25 فتحة على منسوب 15 مترا من سطح الأرض (نوافذ ومرائي ) تستخدم للدفاع في وقت الحروب كما يوجد 120 فتحة أخرى على منسوب 24 مترا من سطح الأرض تستخدم أيضا للدفاع وقت الحروب حيث يقف الجنود المدافعون في هذه الفتحات كما تحوى أماكن للسجون وأماكن أخرى للصلاة وتوجد 7 آبار للمياه .

      حصن نزوى : يعتبر حصن نزوى هو المقر الرئيسي للإمامة قديما وقد ظل مقرا دائما للوالي لفترة طويلة إلى الربع الأول من السبعينيات من هذا القرن ويعود بناؤه إلى زمن الصلت بن مالك . المساجد وهناك من الآثار عدد من المساجد اهمها (جامع نزوى) الذي كانت تقام فيه صلاة الجمعة زمن الائمة وكان مقرا لدراسة الفقه واللغة العربية بفروعها تخرج منه العلماء والمثقفون وفي عهد النهضة المباركة وضمن الرعاية التي يوليها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم أمر جلالته ـ حفظه الله ـ بإعادة بنائه على نفقته الخاصة حيث بني بأفضل طراز معماري وقد احتفظ بدوره التعليمي حيث ما زال معهدا للتعليم ويسمى حاليا باسم جلالة السلطان ( جامع قابوس ) وهناك أيضا جامع سعال الذي يقال انه بني في السنة الثامنة من الهجرة ويعتبر ثاني مسجد في نزوى ويقع في منطقة سعال وسط الحارة المسماة بحارة الجامع ويقال أيضا انه بني في عهد الأمام الصلت بن مالك وكان بعض الائمة يصلى فيه الجمعة بدلا من جامع نزوى سالف الذكر كما في زمن الأمام الوارث بن كعب (مسجد الشواذنه) : ينسب إلى مؤسسة عيسى بن عبدالله بن شاذان ويقع في حارة العقر ويعتبر من اقدم المساجد في نزوى ويقال انه أول مسجد بني فيها وتدل النقوش انه أعيد تجديده في السنة السابعة بعد المائة من الهجرة .