|   10 مايو 2024م
العدد 135 | الأرشيف


بعد خوض تجربة رائدة في تعلم اللغة العربية.. طلاب جامعة فيينا النمساوية ينهون برنامج التبادل الطلابي بجامعة نزوى

 

أنهى مجموعة من طلاب جامعة فيينا النمساوية برنامج التبادل الطلابي الذي يتم بين مجموعة من مؤسسات التعليم العالي في دول العالم، حيث استقبلت الجامعة الفصل الدراسي الماضي خمسة عشر طالبا نمساويا جاؤوا لدراسة اللغة العربية، إلى جانب خمسة طلاب ماليزيين من تخصصات مختلفة، وطالبين اثنين من سلطنة بروناي، كما سيتجه مجموعة من طلاب الجامعة الفصل الحالي للدراسة في تلك الجامعات.

ويأتي برنامج التبادل الطلابي الدولي بين مؤسسات التعليم العالي ليفتح آفاقا جديدة لطلاب الجامعات من حيث إتاحة الفرص لهم للخروج من حيز الدراسة في جامعة واحدة إلى فتح المجال لهم لاكتساب معارف جديدة في جامعات مختلفة ودول أخرى، إلى جانب صقل شخصية الطالب واكسابه الاستقلال الذاتي خلال سفره بعيدا عن أسرته ووطنه، بالإضافة إلى التعرف على حضارات الدول وتاريخها والعادات والتقاليد المرتبطة بها، وغير ذلك.

ولما كانت اللغة العربية محط تركيز الكثير من الدارسين في العالم لاسيما الدارسين للعلوم الاستشراقية والسياسية، فإن الجامعة عملت على استقطاب أولئك المهتمين باللغة ليخوضوا تجربة دراستها في قسم اللغة العربية، ومعهد الضاد الذي خصص للناطقين بغير العربية، ولا ننس فضل أؤلئك الذين سخّروا أنفسهم لخدمة العربية فعملوا مع الجامعة يدا بيد من أجل العربية وتاريخها..

"إشراقة" ترصد لكم كل ذلك إلى جانب تجربة الطلاب النمساويين الدارسين للعربية وأهم ما اكتسبوه خلال فترة تواجدهم في السلطنة..

  

*اللغة وثقافة الحوار البناء بين الحضارات:

بداية حديثنا كان مع الأستاذة شيخة بنت سالم البادية-محاضرة بقسم اللغة العربية، والمشرفة الأكاديمية على الطلاب النمساويين- لتحدثنا عن علاقتها بتدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، فتقول: أحبُّ أنْ أستعير كلمة فرديناند برونتير F. Brunetiere : "إننا لا نعرف أنفسَنا عندما لا نعرف إلا أنفسنا" هنا لأتبين كم نحن بحاجة اليوم لأنْ نعمل على تعليم لغتنا ونشرها، نستفيد لأننا نجعل الآخر يفهمنا، ونفهم الآخر وثقافته؛ لأنْ نشارك في جعل الحوار ممكناً، في عالم ممتلئ بالآراء والأحكام النمطية..وهذا ما أركّز عليه دائماً، أنا بتعليمي العربية لهؤلاء أشارك في تكوين جيل من المستشرقين الذين سيقرؤون تاريخنا وسيقدمون حضارتنا إلى لغاتهم وثقافتهم يوماً ما، بصورتها الحقيقية، وكما هي.

إذن، أنا حين أهتم وأشارك في تعليم اللغة العربية إلى هؤلاء، فإنني أفعل هذا من منطلق الإيمان بأهمية الحوار مع الآخر، والتعرّف عليه، وتعريفه بلغتنا وثقافتنا وحضارتنا العريقة، وهذا ما تقوم به الجامعة في هذا السياق، إذ تفتح مثل هذه الفرص إلى هؤلاء الطلاب. 

وعن الطلاب النمساويين وتجربة دراستهم في الجامعة تقول البادية: فيما يتعلّق بالطلاب النمساويين، فقد بدأت علاقتي بهم بزيارتي جامعة فيينا في مايو الماضي بدعوة من الأستاذ الدكتور ويلفرام رايس للمشاركة في برنامج (CEURABICS) لتدريس اللغة العربية. وبعد البرنامج، انضممتُ إلى لجنة مقابلة الطلاب المتنافسين للالتحاق بالدراسة في جامعة نزوى (وكانت اللجنة مكونة من الأستاذ الدكتور ويلفرام رايس، والدكتور شتيفن بروهسكا، والدكتور بيتر، وأنا). كانت معايير التقييم تتمحور في مستوى الطالب في اللغة العربية، بحيث يكون مكتسباً الأساسيات العامة في العربيّة، بالإضافة إلى خبرته في السفر إلى بلدان عربية، ودافعيته لتعلم اللغة، وتخصصه الدراسي. وهكذا، قد اخترنا 15 طالباً وطالبة من بين حوالي 29 قد تقدموا للالتحاق بالدراسة في جامعة نزوى، فدرسوا إلى جانب المساق الأساسي وهو اللغة العربية، مهارات الكتابة، والحضارة الإسلامية، والمجتمع العماني. هذا بالإضافة إلى استفادتهم الكبيرة من الورش التي يقدّمها مركز مهارات الكتابة بالجامعة، وإفادتهم طلابنا من خلال تقديم بعض الدروس في اللغة الألمانية واللغة الإنجليزية في مركز الكتابة أيضا.

وهنا يسرني أن أوجه كلمة شكر إلى الأساتذة الزملاء الذين بجهدهم الكبير والمخلص جعلوا هذه التجربة ناحجة، كما أثمّن رؤية الجامعة ممثلة في رئاستها، ومكتب مساعد الرئيس للعلاقات الخارجيّة، وعمادة كليّة العلوم والآداب ولكلِّ جهدٍ مخلصٍ جعلَ هذه الفرصة ممكنة.

  • عالم اللغات:

نوربيرت مولنار طالب يدرس الاستشراق ويجيد اللغة الهنغارية والصربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية، لديه ميول كبير في اكتساب اللغات ومن هنا وقع اختياره على العربية لتكون اللغة التالية لباقي اللغات التي اكتسبها، وهو يشجع على دراستها في بيئة عربية كجامعة نزوى، وذلك لأنها تشجع على دراسة العربية وتتميز بأساتذة عرب وقدرة على ممارسة اللغة مع الآخرين الأمر الذي يحسن من مستوى الدارس ويطور قاموسه اللغوي.

درس المجتمع العماني والحضارة الإسلامية إلى جانب العربية وقال حول ذلك: تعرفت خلال دراستي على الثقافة العمانية وحضارتها ، فتعرفت مثلا على طريقة الأكل وكيفة القدرة استعمال اليد، وكذلك إكرام الضيف والعادات المتبعة في ذلك، والناس في عمان لطيفون جدا وهم يحبون مساعدة الآخرين والتعامل معهم.

وعن أسباب دراسته للعربية، وما إن كان قد تقدم في ذلك يقول: سأواصل دراستي للعربية حتى أتقنها وأتمكن من مساعدة المهاجرين إلى أوربا، وربما سآتي إلى العمل في عمان ذات يوم. والحقيقة أنني استمتعت كثيرا بالدراسة في الجامعة للأساليب المتنوعة التي تتبع فيها وأنا أرى أن مستواي قد تحسن كثيرا فالآن أستطيع التحدث بالعربية وأستطيع كذلك القراءة والكتابة بها.

  • ثراء لغوي مختلف:

الطالبة هنّا ويتوري في تخصص اللغة العربية ترى أن العربية مختلفة عن غيرها من اللغات التي تجيدها- الألمانية، والإيطالية، والإنجليزية، والفرنسية- فهي تتميز بثراء لغوي كبير وهنا تواجه "هنّا" بعض الصعوبات حيث تقول: وجدت صعوبة في دراسة العربية لما تتميز به من نظام لغوي ونحوي مختلف جدا عن اللغات الأخرى التي درستها، لذلك درستها في جامعة فيينا كتخصص رئيسي كما درستها كذلك في معهد "قلم ولوح" في المملكة المغربية، وبالمقارنة مع دراسة العربية في جامعة نزوى فقد ميز التعليم هنا كتابة وقراءة نصوص عربية وتحليلها لكن في جامعة فيينا ركزت الدراسة على القواعد في حين أننا في المغرب ركزنا على ممارسة الحديث بالعربية، وأنا أشجع على دراسة العربية في عمان فهي تنعم بالأمن والسلام إلى جانب تحدث العمانيين بالعربية بصورة واضحة ومفهومة قريبة من العربية الفصحى.

وعما اكتسبته من دراستها للحضارة الإسلامية والمجتمع العماني تقول "هنّا": استفدت كثيرا من دراستي لهذين المقررين؛ فقد كان ممتعا أن نتعرف على المجتمع العماني من العمانيين أنفسهم ومن واقع مجتمعهم، كما أنني اهتممت كثيرا بالحضارة الإسلامية والآن أستطيع أن أناقش حول مواضيع دينية وعربية وكل ما يتعلق بهما، وسرني كثيرا أن تعرفت على الناس في عمان عن طريق الحديث إليهم، وكنت مندهشة جدا من طريقة استقبالهم لنا وفهمت مع الوقت بأنها الطبيعة العمانية في كرم الضيافة وحسن المعاملة وهي جزء من ثقافتهم العريقة.  

 

  • اللغة من أجل السفر:

التحدث باللغة العربية جاء من حبي للسفر ومتابعة المواقف العالمية للأحداث السياسية الجارية هكذا بدأت كايا كنهي التحدث إلينا، وكايا تدرس العربية كتخصص رئيسي إلى جانب إجادتها للغة الألمانية واللغةالفرنسية والإنجليزية، درست العربية في فيينا وفي مصر  ولكنها ترى أنها تمكنت أكثر من الحديث بها في عمان حالها كغيرها من الطلاب النمساويين الذي اكتشفوا أن العربية في عمان أقرب ما يكون للفصحى.

وبمزيد من المتعة تقول كايا: تحدثت مع الكثير من طالبات جامعة نزوى وعايشت أعيادهم وأفراحهم واكتشفت كم هو جميل التعايش مع الشعوب الأخرى، وقد درست الحضارة الإسلامية وتعرفت على الإسلام أكثر من خلال المجتمع العماني كما تعرفت على الحضارة العمانية من خلال المعالم التي زرتها في أيام الإجازة، تجربتي كانت رائعة جدا فقد جربت الدراسة في قسم اللغة العربية إلى جانب أخذ مجموعة من الدورات في معهد الضاد وقد استفدت منه كثيرا، وتحسنت لدي مهارات الحديث والكتابة.

  • ثقافة وتحدي:

ماتيوس سولز طالب في تخصص الاستشراق والعلوم السياسية يجيد العديد من اللغات كالإيطالية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، واجه الكثير من التحديات أثناء دراسته للعربية، وكان يراها لغة صعبة جدا كما يقول، وخاصة أن المفردة الواحدة لها العديد من المفردات المرادفة لها و المتنوعة درس العربية في جامعة القدس بفلسطين وفي معهد صيفي بلبنان، أحب العربية كنوع من الثقافة والمتعة والرغبة في التعرف على شعوب مختلفة، إلى جانب التخصص الذي يفرض عليه ذلك.

يقول ماتيوس عن تجربة الدراسة في جامعة نزوى: إن أكثر ما مميز دراستي للعربية هنا هو ارتباطي بمركز مهارات الكتابة وتحديدا بمختبر اللغة العربية، حيث استفدت كثيرا من خلال التعلم الفردي الذي حضيت به وتحدثت إلى كثير من طلاب الجامعة الذين ساعدوني على تطوير لغتي وتحسينها، كما تعرفت على الحضارة الإسلامية والمجتمع العماني بشكل خاص وأنا أنوي أن أحتفظ بكل ما تعلمته عن هذين المقررين لاستعملهما في المستقبل بعد أن أحصل على وظيفة في السلك الدبلوماسي كما أخطط.

وعن عمان وشعبها يقول: أعجبت كثيرا بلطف العمانيين وكرمهم و فن الضيافة المتنوع لديهم، وعمان بلد تزخر بالكثير من التنوع الثقافي وتمتلك الكثير من المعالم الحضارية والسياحية الأمر الذي يجعل من المسافر  يقضي وقتا ممتعا ومفيدا.

 

  • العربية في عمان:

مارتينا كويك في تخصص اللغة العربية تتحدث عن العربية والصعوبات التي واجهتها أثناء دراستها فتقول: كنت أظن أن دراسة العربية أمر صعب وأنني سأواجه صعوبة في نطق حروفها واكتسابها حتى تولدت لدي العديد من المخاوف في ذلك، ولكن اكتشفت الآن أن دراستها سهلة فأنا الآن أستطيع الحديث بها وقراءتها والكتابتها، درستها سابقا في جامعة فيينا وفي بيروت وفي معهد الرباط واكتشتفت أن لعمان ما يميزها عن غيرها من الدول العربية التي زرتها فهنا يتحدث الناس بصورة أقرب للفصحى فهم ليسوا متأثرين بالأجناس الأخرى وتجد سهولة في فهمهم والحديث معهم.

درست اللغة في قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب كما درستها في معهد الضاد، وأرى أن معهد الضاد قد فهم الصعوبات التي أواجهها وساعدني على تحسينها وطور من لغتي كثيرا، وأنا أنصح كل من يرغب بدراسة العربية بالتوجه لعمان بسبب الأمن والأمان الذي تتمتع به إلى جانب تقبل العمانيين لجميع الأطراف وحسن معاملتهم فهم لطيفون جدا.

وعن حياتها اليومية في عمان تقول: كنت أزور العديد من المعالم السياحية في عمان ، وتعرفت على الكثيرين من العمانيين حتى أنني زرت أسرة بدوية في سناو وتعرفت على نمط الحياة لديهم والعادات التي يتبعونها، كما صحبتني إحدى صديقاتي العمانيات إلى حفل خطوبة لديهم وتعرفت خلالها على تقاليد الزواج عند العمانيين وقد سعدت بذلك كثيرا، إن الحياة في عمان ممتعة جدا وتثري ثقافة الزائر في مختلف جوانب الحياة.


التعليقات:

إضافة تعليق:
للمشاركة في نشر مواضيع إشراق يرجى التواصل عبر البريد الإلكتروني im@unizwa.edu.om