|   08 مايو 2024م
السابقالتالي


 المفتي العام للسَّلطنة يلقي محاضرةً بعنوان \"الإنفاق في ميزان الشَّرع\" في مسرح الجامعة المفتوح

تصوير- إبراهيم بن سيف العزري:

        استمرارًا لفعاليَّات الموسم الثَّقافي التَّاسع، والَّذي يحمل هذا العام عنوان "نحو وعيٍ استهلاكيٍّ رشيدٍ"، أضافت الجامعة مساء أمس السَّبت (16/ 3/ 2013م) سماحة الشَّيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي –المفتي العام للسَّلطنة، وعضو مجلس أمناء الجامعة-، حيث ألقى سماحته محاضرةً بعنوان "الإنفاق في ميزان الشَّرع".

        وقد بدأت المحاضرة بتقديم للأستاذ الدُّكتور أحمد بن خلفان الرَّواحي –رئيس الجامعة- قدَّم فيه سماحة الشَّيخ، وموضوع المحاضرة الَّذي جاء موائمًا لموضوع الموسم. واستهلَّ سماحة الشَّيخ محاضرته بالإشادة بجامعة نزوى وبأرض نزوى الطَّيِّبة. ثمَّ عرَّج سماحته على موضوع المحاضرة وبدأه بتصحيح مفهوم المال وملكيَّته. وقال: إنَّ هذا الموضوع يلامس كلَّ مؤمنٍ في شغاف نفسه؛ إذ إنَّ المؤمن مجبولٌ على حبِّ الخير. ويجب أن يؤطَّر في إطاره الصَّحيح المعتدل الَّذي لا إفراط فيه ولا تفريط. وأضاف: إنَّ هذا المال الَّذي في يد الإنسان في الحقيقة هو ليس ملكًا له بل هو ملكٌ لله تعالى، وعلى الإنسان أن يُحسن التَّصرف فيه، وفي إنفاقه، فهو مؤتمنٌ عليه؛ حيث إنَّ الإنسان مسؤولٌ يوم القيامة عن المال سؤالين هما: من أين اكتسبه؟، وفيما أنفقه؟ قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: "لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربَّه حتَّى يسأل عن خمسٍ: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه وما عمل فيما علم".

المفتي العام للسَّلطنة يلقي محاضرةً بعنوان \"الإنفاق في ميزان الشَّرع\" في مسرح الجامعة المفتوح

        وأشار سماحة الشَّيخ الخليلي إلى أنَّ الإنسان مجبولٌ على حبِّ المال، قال تعالى: (وتحبُّون المال حبًّا جمًّا)، (وإنَّه لحبِّ الخير لشديد)، وهذا الحبُّ إن لم يُسس السِّياسة الشَّرعيَّة فإنَّه يكون خطرًا على صاحب المال نفسه، بل على الأمة جمعاء. ونبَّه سماحته بأنَّ أوَّل ما يُساس به المال هو بأن لا يؤذن له بأن يكتسبه إلا من الوجوه المشروعة، وعلى الإنسان أن لا يغترَّ، ويجلب المال لحبِّه من مصادر محرمةٍ؛ فالإنفاق يكون في الإطار الشَّرعي. والمال يتعلَّق به حقَّان: حقّ الله، وحقّ العباد، فالله بيَّن كيف ينفق المال وفي أيٍّ سبيل.وذكر سماحته بعض الآيات الدَّالة على أوجه الإنفاق، ومنها: ابن السَّبيل والفقراء، والمساكين والسَّائلين، وفي الرِّقاب، وهذه الحقوق من غير زكاة المال المفروضة جميع الأنواع الَّتي فرض فيها الزَّكاة الناس بحاجة إليها. كما أكَّد سماحته أنَّ المال فيه حقَّين حقّ الزكاة المشروع، وحقًّا موكولًا إلى ضمائر الأغنياء؛ يدفعه الغنيُّ عندما يرى حاجة الفقير، وعلى ذلك نصَّ العلماء.  

        وقال سماحة الشَّيخ إنَّ الإنسان لو اعتاد الإنفاق فإنَّه تتفجَّر في نفسه مشاعر الرَّحمة، ويشرك بني جنسه في الخير الَّذي معه؛ لذلك تلك الحقوق هي إطارٌ ينظِّم معادلة حبّ المال والتَّعامل معه، وعندما تغور الرَّحمة في بني الإنسان فإنَّه بذلك لا يلتفت إلى أنَّ الظُّلم بالتَّعدِّي على غيره من أجل الثَّروة وتلبية الحاجة للمال. وضرب الخليلي مثلا على ذلك بسفك دم الأب من قبل الابن؛ سعيًا وراء ماله. وأوضح سماحته أنَّه بالإنفاق تسود المحبَّة بين أبناء المجتمع فقيرهم وغنيِّهم، وتتوحَّد المشاعر بين الفقراء والأغنياء بالإنفاق والتَّراحم.

      وفي محاضرته بيَّن الشيخ الخليلي أنَّ للإنفاق شروطًا وقيودًا فهو مقيَّدٌ بالإخلاص لله تعالى، وعدم المنِّ والإيذاء والاستعلاء من قبل المُنفق، وعلى المنفَق عليه أن لا يستحي، وأن لا يشعر بالذُّل حين يُنفق عليه، فذلك حقَّه الَّذي جعله الله في مال الأغنياء، وعلى المنفق أن ينوي بإنفاقه نيَّة التَّقرب لله تعالى، دون أي غرض من أغراض الدُّنيا، وأن لا ينتظر المنفِق من المنفَق عليه مصلحةً ولا جزاءً. كما أشار سماحته إلى أنَّ هناك معوِّقاتٍ تعوق طريق الإنفاق، ومنها تخويف الشَّيطان للإنسان من الإنفاق وإيعاده له بالفقر، وأنَّ الإنسان مفطور على حبِّ المال، ونفسه مجبولةٌ على ذلك. وقد أفاض سماحته من علمه العزير على الحضور، ودعا إلى الإنفاق في سبيل الله في أوجه الخير جمعاء، فإن أجره يوم القيامة أجرٌ عظيم. وانتهت المحاضرة بإجابة سماحته عن أسئلة الحضور الَّذي ملأوا المسرح المفتوح في الحرم المبدئي للجامعة.

المفتي العام للسَّلطنة يلقي محاضرةً بعنوان \"الإنفاق في ميزان الشَّرع\" في مسرح الجامعة المفتوح